قالت بصوت يتهدج مستشيرة في مكالمة هاتفية تسرد فيها أحزانها: إنه يا شيخ خانني، ذهب إلى البنك وأفاد من وكالة أعطيتها إياه فسحب ما في رصيدي وليست يا شيخ هذه هي المرة الأولى، ومع هذا هو يهددني بالفراق كلما جد نقاش حول تسلطه على مالي.
وقالت أخرى: إن زوجي أخذ بطاقة الصراف البنكية الخاصة براتبي منذ سنين ولا يعطيني من راتبي إلا 500 ريال كل شهر، ويقول هذه مصروفك وقلت له ووالدتي فقال لا يعنيني أمرها.
وقالت أخرى: زوجي يقول بما إنك موظفة فأنت المسؤولة عن مصاريف بيتك، وقالت أخرى، وأخرى، وأخرى... إنهن لا يجدن حلولا غير التحلي بالصبر أو إتخاذ قرار بالفراق لأزواجهن، تفكرت كثيرا وأنا أسمع مثل هذه الشكاوى هل ضعف النفوس هو السبب أم ضعف الإيمان أم أنه فهم خاطئ أم أنهم لا يقدرون للمرأة حقها وربما كان بعضهم يرى أن ما للمرأة من مال فهو لزوجها، ودعاني هذا إلى إلقاء الضوء على هذه القضية وفق هدي الشريعة بإيجاز فأقول وبالله التوفيق:
۱= إذا كان الله سبحانه قد حرم على الرجال أن يأخذوا شيئا مما آتوا النساء قال سبحانه {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا} [البقرة:229]، فإذا كان هذا هو التوجيه القرآني في مثل هذه القضية فإنه يحرم أيضا أن يأخذ الرجل من مال زوجته الذي إكتسبته من وجوه أخرى، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه» رواه أحمد في مسنده.
۲= لا يعني كون الزوج قواما على الزوجة القوامة بأنواعها ومنها القوامة المالية أن يأخذ شيئا من مالها فلم يبح له الشرع بموجب القوامة أن يأخذ من مالها شيئا بل إن القوامة تعني قيامه على تحقيق الحياة الكريمة للزوجة حسب استطاعته.
۳= يرى بعض الأزواج أن أذنه للزوجة أن تخرج من بيتها للعمل يلزمها بأن تشارك فيما يعبر عنه الأزواج -مصاريف البيت- ويعبر عنه الفقهاء بأنه جزء من النفقة الواجبة على الأزواج، فأقول إن أذن الزوج لزوجته بأن تعمل لا يعني أن يأخذ مقابلا ماليا جزاء تفضله بالأذن لها أن تغيب عن الدار ساعات معدودة غالب أيام الأسبوع فإن عقد الزوجية عقد مكارمة وليس عقد إجارة.
٤= لو كان الزوج فقيرا والزوجة ذات مال فإنه يحسن بالمرأة أن تعين زوجها بمالها وهذا من التعاون على البر والتقوى ومن التراحم ومما يزيد القلوب تحاببا فمنا، المعلوم أنه لا حرج أن تتصدق الزوجة من مالها على زوجها إذا كان فقيرا ويقبل صدقتها عليه فقد روى البخاري في صحيحه أن زينب امرأة عبدالله بن مسعود قالت: يا نبي الله إنك أمرت اليوم بالصدقة وكان عندي حلي لي فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود أنه هو وولده أحق من تصدقت عليهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق ابن مسعود زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم، بل أقول إنه يحسن بالزوجة ذات المال أن تبذل من مالها تفضلا ما تعين به زوجها ولو كان غنيا ويمكنها بحكمتها بذل المعروف دون أن تضر بمالها.
بقلم: د. مسعود بن بشير المحمدي.
المصدر: مركز واعي للإستشارات الإجتماعية.